مسلسل حارة اليهود عربون محبة

بشكل كبير جدا، تناقل مرتادوا مواقع التواصل الإجتماعي أخبار ردود الأفعال الإسرائيلية تجاه الحلقات الأولى من المسلسل المصري “حارة اليهود” والذي يعرض حاليا في الموسم الرمضاني الحالي.

حتى أنا إعتقدت في البداية مع متناقلي هذه الأخبار، بأن اليهود كانوا حانقين على هذا المسلسل، غير أن الحقيقة كانت مغايرة تماما، فبمجرد أن تشاهد أي مشهد من هذا المسلسل حتى تكتشف الجرعة العالية التركيز والمحملة بكل أنواع رسائل السلام والمحبة والأخوة والمهادنة والتطبيع ومد الأيادي، ويبدو أن الرسالة وصلت بسرعة الى تل أبيب، وأيضا إستقبلها الشعب اليهودي برضاء تام إنعكس على مواقع التواصل تلك.

السفارة الإسرائيلية في القاهرة عبرت عن رضا تل أبيب عن هذا العمل، على صفحتها الرسمية بفيس بوك مصرحة “لقد شاهدنا في سفارة إسرائيل أولى حلقات المسلسل المصري حارة اليهود، ولقد لاحظنا لأول مرة أنه يمثل اليهود بطبيعتهم الحقيقية الإنسانية كبني آدم قبل كل شيء، ونبارك على هذا”.

عبارة “نبارك على هذا” تظهر وكأنها تدل على طلب المصريين من تل أبيب رأيها ومدى رضاها عن هذا العمل وأنها تباركه! وأيضا أن السفارة الإسرائيلية لم تضيع حتى الحلقات الأولى منه، ولكن رد تل أبيب جاء على صفحة السفارة الرسمية العلنية كي يكون على الملأ، والفضائح من عادات اليهود وطبعهم أصلا وقبل كل شيء، لكن هل هذه الفضيحة ستحرج النظام المصري الحالي ومن يؤيده؟ الظاهر أنه لا حرج اليوم من إعلان الولاء المطلق لإسرائيل ولا من فضائح من هذا النوع، وخاصة من قبل نظام السيسي.

ويبدو أيضا أن هناك تزامن وانسجام في تسلسل أحداث الولاء المصري هذا لإسرائيل، إذ بدىء بإعادة السفير المصري الى تل أبيب دون أدنى مكاسب أو “خبطة سياسية” تذكر بعد غياب إستمر لثلاث سنوات بعد أن قام بسحبه الرئيس محمد مرسي أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2012.

لا أريد أن أنسب نقد المسلسل هذا لي أنا، حيث أنني لم أشاهد منه الكثير، لكن يقول النقاد على حد سواء (الموالين للنظام المصري والمناهضين له) حيث يقولون بأنه يترجم رؤى السيسي بحذافيرها والتي تعكس رأيه في اليهود…يهود مصر، ومن ورائهم رأيه في إسرائيل وكيانها ووجودها وطبيعته من إحتلال لأرض عربية وتهجير أهلها حروبها على غزة ولبنان…

لقد تزامن رأي ورضى إسرائيل عن هذا المسلسل مع ظهور الكثير من الصحفيين الإسرائيليين على القنوات الإسرائيلية وهم يعلقون على هذا العمل الدرامي والتحول الجذري على حد تعبيرهم في الدراما المصرية في تعاطيها مع إسرائيل منذ تولي السيسي للحكم في مصر، إذ يستشهدون ويستذكرون تصريحات السيسي عند ترشحه للرئاسة بأنه إبن حارة اليهود وبأنه تربي وترعرع فيها وله ذكريات وشجون في زواياها..”بصِّي -موجها كلامه للمذيعة المصرية لميس الحديدي- أنا كنت بشوف في حارة اليهود المعبد اليهودي، ولا حد بيقول مين ده إللي دخل المعبد، ومين إللي خرج؟ ولا حد كان بيؤذي أي يهودي أو يضايقه”.

الخطير في الأمر، أنه لطالما كانت الهوة والفجوة التي تفصل بين الأنظمة العربية والشعوب العربية في مسألة إسرائيل والقضية الفلسطينية كبيرة جدا، لم تكن يوما سياسات هذه الأنظمة تعبر عن نبض الشارع أو حتى رأيه! لكن يبدو أن السيسي ونظامه يؤسسون لما هو أخطر هذه المرة، فالأخير آخذ على عاتقه فرض الولاء لإسرائيل على الشعب! وليس غريبا علينا أن نراه يوما وهو يرسل متطوعين مصريين الى الجيش الإسرائيلي! وتحت بند “لقمة العيش يا بيه” التي دمرت مصر والمصريين والإعلام والإعلاميين والسينما والتليفزيون، قد يصبح الأمر سهل ومستساغ لشعب مصر الغلبان.

إنظر أيضا صحيفة رأي اليوم

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>