لماذا يُنصحن الآنسات بعدم الزواج أو الإنجاب؟

هي لا تخلع يانس الصلاة عن رأسها وبدنها حتى تخلد إلى النوم بُعيد صلاة العشاء، وإذا لم تجد ما تفعله في أوقات فراغها، تراها دائما تدعو الله بالخير لأولادها وأبنائهم وللمسلمين أجمعين وبالتوفيق والسؤدد، نجدها تحفظ أجزاء من القرآن الكريم، وتحفظ أيضا من أحاديث السنة النبوية ومن محطات السيرة، لا يشدُّها شئ أكثر من برنامج ديني أو حديث هادف تقيّ ورِع على شاشة التلفاز أو الإذاعة في الصباح، نظيفة الهندام وطاهرة البدن طوال الوقت، فهي متهيئة دوما للصلاة والعبادة، تمقُت الأغاني والأفلام والمسلسلات وبرامج المواهب وتعتبرها معصية ومضيعة للوقت، لا تؤذي جارا ولا إنسانا ولا حتى حيوان، تتصدق وتُشفِق على الفقراء والمساكين والضعفاء، تتفقد مَن هم حولَها مِن الجياع والمحتاجين قدر استطاعتها، وجهها كأنه يشع نورا من الوقار، لسانها يقطرُ الشهد، يداها يبدوان كشئ من الجنة، تجاعيد وجهها وكأنها الوديان العذبة لتي روت سكان القرية منذ الازل، شعرها كالضباب الرائع الذي غطي بساتين القرية وهضابها ذات صباح ربيعي هادئ جميل، رَبَّت أبنائها وسَهِرت عليهم الليالي، وكبَّرتهم وعلَّمتهم وصَبَرَت عليهم حتى نالت مرادها حين عاصرتهم وهم بأعلى المراتب.

تُرى، مَن هذه المرأة؟

في الحقيقة معظم المسنات العربيات يمتزن بتلك المميزات، الواقع يقول أن باقي المسنات العربيات قد يمتزن هن الأخريات ببعض تلك المميزات وليس جلها كالبعض القليل، فكدر العيش وضيق الحال ربما يجعلهن يقضين معظم أوقاتهن وهُنَّ يُصارعن الحياة، لكن هناك مسنات جمعن كل هذه الصفات بالفعل لدرجة أنك تعتقد للحظة أن الله لو بعث رسول أو نبي من جنس حواء لكانت إحداهن بالتأكيد، تلك النسوة غالبا ما تجد بعضهن أُمّاً لوزير، أو أماً لرئيس وزراء، أو سفير أو مسؤول كبير في الدولة، أو نائب، أو تاجر كبير محتكر وناجح، أو ربما صناعي لامع أو صيرفي كبير، هذه الأم التي هي مِن الراحة ورغد العيش والرضى بمكان بحيث ترى كل شئ من حولها جميل، وترى البلد بحلوها ومرها وفقرها وتأخرها وتخلفها من أجمل البلدان، أصلا هي مرتاحة لكل النتائج في حياتها لدرجة أنها راضية حتى على الله.

لكن مَن تعتقدون أنه مسؤول عن أحوال العرب المتردية، العرب ككل، أحوالهم المخزية وهوانهم على الناس وذلهم وتأخرهم وفقرهم، من تعتقدون أنه مسؤول عن المحسوبية والشللية والفساد والتنطُّع والإستبداد والقهر والإضطهاد في بلدان العرب، مَن؟

المسؤول يا أخوة هو أمثال تلك النسوة، نعم لا تتفاجأ أرجوك عزيزي القارئ، هُن مَن أنشأن جيل عربي كامل ضيع البللاد والعباد، هن من أنجبن المسؤول العربي الذي حول بلادنا إلى زرائب كزرائب الدواب، فساد وشللية ومحسوبية وتبعية وفقر وتخلف، لا تعليم ولا بحث علمي، بطالة، وكل ما جعل من بلادنا وأمتنا في قاع البلاد والأمم هن مسؤولات عنه حين أجبن وربين لنا هذا الجيل الردئ.
ألسْنَ تِلكُم الأمهات من فعل بنا وببلادنا ما نراه اليوم من تخلف وفقر ورجعية وتدمير للتعليم وانعدام للبحث العلمي وتدهور في أحوالنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية وهروب للإستثمار والمستثمرين وإغلاق المصانع وتفاقم حالات البطالة وضياع للمقدسات وضياع للبلاد والعباد؟ ألَسْنَ هُنَّ مَن أنجب وربى أؤلئك المسؤولين الذين قوضوا البلاد والعباد وصنعوا أساسات متينة للفساد والإستبداد والتخلف بينما كانوا في طريق البحث عن تحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة مستغلين بذلك مناصبهم؟.

في الحقيقة أعزائي القراء، أن أمثال تلك النسوة “الربانيات البَرَكَة” ربما سينتهي جيلهن قريبا وإلى الأبد قبل أن يكتشفن حتى أن تربيتهن لأبنائهن كانت خِطئاً عظيماً بحق الأمة، ومِن بعدُ سينتهي كذلك جيل المسؤول العربي الردئ الذي أنتجنه لنا، لكن ماذا عسانا نفعل بأمهات مفرغات جاهلات عاكفات الآن على إنتاج جيل أسوأ بمراحل من الجيل الذي سينتهي؟ وهُنَّ جُل المبادئ التي يتعلمنها ويُشرِبن أبنائهن بها هي من المسلسلات المدبلجة، قرآنهن هو الفيسبوك والسيلفي والتسوق والفيللر والبوتوكس، كل ما ترجوه من إبنها هو أن يتحدث الإنجليزية، أو على الأقل أن يخلط بين الإنجليزية والعربية بحضرة الآخرين وصديقاتها، تلك اللغة الغريبة التي بات يطلق عليها “العربيزية” وهي رمز إفلاس ثقافي صارخ، أنا شخصيا لا أقف في طريق بحثهن عن مُتعهن وسعادتهن وتطلعاتهن، أبداً.

 لكن أقسمُ بالله عليكن يا نساء وأمهات المستقبل، يا مَن قاربت أعمارَكُنَّ على سِن الزواج، أستحلفكن بالله آنساتي المحترمات أن لا تتزوجن، وإن كان لا بد من الزواج، فلا تنجبن لنا الأبناء إن كانت غايتكن سطحية، أستحلفكن بالله أن لا تنجبن ولا تصنعن لنا جيل يأتي ليدمر بلادنا لقرون وأجيال قادمة كما فعل من قبل آبائهم وأجدادهم، أنصحكن بأن تستمتعن بأوقاتكن وحيواتكن وأزواجكن لكن بعيد عن الخلفة.

يا زوجات المستقبل، خططن لمستقبلكن بشكل مغاير، مثلاً، صيِّفن في بلد وشتين في آخر، اشترين الملابس، اقتنين القطط والكلاب والفئران، تفنن في أثاث منازلكن، دخن الدخان والأرجيلة، خططن لأن تصبحن نجمات على يوتيوب وإنستغرام، لكن لا تنجبن الأطفال، أقسِمُ بالله عليكن أن لا تنجبن الأطفال، واتركن عناء بناء الأجيال القادمة لأمهات أخريات غيركن أخذن على عاتقهن هذا العناء، أقسم عليكن ثلاثاً أن تنظرن إلى مستقبل بلادنا وأمتنا بعين الرحمة.

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>