كيف سيختفي الإنسان العربي الحالي؟

ربما أن علم الإجتماع حتى، وعلم السلوك، وعلم تطور الإنسان Anthrobology ستتغير أيضا، فمن غير المعقول أن ندخل عصر الحكمة الذي بات على الأبواب مطلع العقد القادم وأن تبقى هذه النظريات والعلوم على حالها مع كل هذه التغيرات الهائلة على مستوى البشرية.

إذا الأولى أن ندرك بأن الإنسان سيتغير أيضا، وخاصة الإنسان العربي والإنسان الغربي سيتغير أيضا لكن مع تطوره الفكري والمادي بمراحل على العربي سنلحظ فيما بعد أن تغيره سيكون طفيفا إلى حد ما، أما ذاك الإنسان الذي تجمدت أحواله الفكرية والمادية منذ عقود سيظهر عليه ملامح التغيير أكثر بكثير.

هنا، الأولى بإدراك ذلك كله منا نحن، هم السلطويين العرب ومعشر الديكتاتوريين والمصلحجيين والخون، نعتذر بشدة على جمع تلك الصفات بجملة واحدة مع السلطويين، فلقد ترسخ في أذهاننا منذ عقود أن السلطوي العربي بالضرورة هو ديكتاتور وأناني وخائن لشعبه وأمته ودينه، نعم هم أولى من يجب عليه أن يدرك ذلك، فأولئك السلطويين الجشعين الذين حكموا شعوب العرب وما زالوا منذ عقود، يجب عليهم أن يدركوا بأن الإنسان العربي القديم لن يكون له وجود في المستقبل القريب، بل القريب جداً، وهنا قد نكون نخاطب أيضا ليس أشخاصا بعينهم بقدر ما نخاطب أنظمة عميقة تأبى إلا أن تبقى جاثمة على صدر الأمة ومقدراتها وحريتها وتطورها.

لقد حلَّ الربيع العربي أخيرا كنتيجة متوقعة وردة فعل طبيعية من شعوب عانت من اضطهاد وظلم وفقر وتخلف، هي أمراض تخلصت منها شعوب الغرب -شعوب الحداثة- منذ قرنين من الزمن، إلا أن الأنظمة الديكتاتورية العربية العميقة أبت إلا أن تحوله من ربيع إلى عاصفة رملية وكأنها في قلب صحراء الربع الخالي، والآن ندرك أكثر من أي وقت مضى بأن القضاء على أنتانات الأمة من أنظمة فاسدة عفنة ومجرمة ليس من خلال جولة واحدة، بل سيكون هناك سجالات بين الخير والشر، الظلم والعدل، الحرية والقهر، وعمليات مخاض عسيرة يتخللها تغيُّر للعقلية الجمعية للشعوب العربية وتطور في نظرتها للسلطة والسلطويين والموظف العام وفهم واضح وعميق لمفهوم العَقد الإجتماعي والتنبه أخيراً للحفاظ على مكتسبات ومقدرات الأمة من الحرية والعيش الكريم كأمر مقدس وفوق الرئيس أو الملك هذا إن بقى ملوك حينها.

في هذه الحال سيتمنى أولئك السلطويين العرب الذين كانوا على رأس تلك الأنظمة الأنتانية بأنهم ماتوا موتاً طبيعياً قبل أن يصلوا إلى هذه المرحلة، وهم يدركون ساعتها أنهم كانوا مخطئين حين اعتقدوا أن لا تغيير قد يحدث يوما، سيدركوا خطأهم الجسيم جيدا وهم يقفوا أمام حبل المشنقة على منصة الإعدام وهي تُزج أسمائهم في مزبلة التاريخ.

واهم من لا يؤمن بالتغيير وواهم أيضا من لا يؤمن بانتهاء تلك الحقبة العربية المظلمة، وكيف لا يؤمن وهي أجيال ممن تربوا على الذل والخنوع وعبادة أحذية العسكر ومداسات زبانية السلطويين انتهت تقريبا، ومن بقي منها لامس عمره اليوم الثمانين سنة، سينتهي هذا النوع الردئ من الإنسان العربي بشكل طبيعي وبحكم الموت قبل أن ينتهي فكريا وأيدلوجيا، وهذه بشرى لكل الشعوب التي عانت وتعاني جراء خذلان تلك الأجيال لها.

قريباً جداً سيعود الربيع العربي بكل قوة هذه المرة، وسيتعلم الجيل الذي سيثور من أخطاء الربيعيين الأوائل، لكن سيكون هذا عندما يُدفن آخر إنسان عربي ردئ حتى ولو كان متعلماً أو مثقفاً فهو من عصر الردائة وعصر الخنوع، ستدُرِّس العصور العربية المظلمة كتاريخ يجب أن نتعلم منه، وعندها لن يذكر التاريخ أشخاص بعينهم بل سيتم الإشارة لهم ضمن تلك الأنظمة الأنتانية الظلامية العفنة التي انتهت بشكل مخزي كما نشاهد اليوم وشاهدنا نهاية سلطويين عرب -زعماء عرب- وهم يعدموا كما يعدم كلب ضال، من يذكر زعيم عربي مات بشكل طبيعي؟.

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>