ما علاقة إعلان دولة إسرائيل بداعش؟

كشف صحفيون استقصائيون من النرويج خلال بحث وتحري استمر زهاء السنتين عن برامج مريبة للغاية وضعتها دولة الكيان الصهيوني إسرائيل، بعضها بدء العمل به منذ إعلان الدولة في عام 1948، وشبه هؤلاء الصحفيون هذه البرامج بتلك التي يتبعها تنظيم داعش، وتتمحور تلك البرامج حول الدعاية من خلال وكالات سياحة أوروبية وأمريكية للتريج من أجل التطوع في جيش الإحتلال الصهيوني لقتل الفلسطينيين.

كان من الصادم حين ذكر التقرير أن المتطوعين كانوا من معظم دول أوروبا كفرنسا وبريطانيا والنوريج وأكرانيا وألمانيا وروسيا، التحقوا للتطوع في جيش الإحتلال الصهيوني ليشبعوا رغباتهم المكبوتة في اﻹجرام والقتل، يقول أحد المتطوعين اﻹنجليز ضمن “برنامج الجندي الوحيد” إن أروع ما في هذا البرنامج أنك تستطيع فعل كل يا يمكن فعله كعسكري حتى أنك تمارس القتل الحقيقي في كل الأوقات، إنه لشعور رائع”.

من أشهر تلك البرامج هو برنامج “منظمة محال” والتي تعني “الجنود من خارج البلاد” وهي تعمل الآن في 37 دولة حول العالم غالبيتها في أوروبا والأمريكيتين، دون أية عوائق إدارية أو تنظيمية تذكر، وهي تطرح من خلال مكاتبها المنتشرة برامج سياحية داخل دولة الكيان مصحوبة ببرامج تدريب عسكري وتنفيذ على أرض الواقع حتى التطوع في جيش إسرائيل ويشمل قتل الإرهابيين، يليه برنامج “الجندي الوحيد” أي الجندي الذي لا يملك عائلة داخل إسرائيل ويعيش خارجها، ويعتبر هذا البرنامج من أخطر البرامج لأن الجندي ضمنه يأتي على خلفية إنتقامية إجرامية، ويأتي على خلفية تنفيذ عمليات قتل بحق الفلسطينيين مقابل أجر.

برنامج “سراييه” في بريطانيا، يقول الصحفي النرويجي الذي كان مسؤولا عن التقرير المذكور أنه سافر في أحد المرات إلى دولة الكيان الصهيوني إسرائيل ليرافق بعض المتطوعين ضمن برنامج سراييه المذكور إلى أحد معسكرات التدريب التي تقع ضمن مستوطنة في الضفة الغربية على أراضي 67، حيث يضم المعسكر متطوعين أطفال من سن 12 سنة فما فوق وشباب ورجال وحتى مسنين في سن 65 سنة، يقول الصحفي أنني كنت أعوّل كثيرا على هذه الرحلة بالحصول على المزيد من المعلومات والحقائق حول تلك البرامج اﻹسرائيلية اﻹجرامية، خاصة وأنني وزملائي كنا نجد صعوبة بالغة في اﻹتصال بمكاتب تلك البرامج في أوروبا وأمريكا، وإذا حدث وقام أحد بالرد علينا فإنه يتجاهلنا وأسئلتنا بشكل مستفز للغاية، لكنني تفاجأت حين ذهبت إلى هناك لأشارك في إجتماع يضم المتطوعين، ليس فقط حين وجدت أطفالا بعث بهم ذويهم ليشاركوا بقتل الفلسطينيين، لا، لكني تفاجأت حين رأيت ضمن المتطوعين “رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي في النرويج” يتابع الصحفي ويقول: عندما ذهبت لتغطية إجتماع الحزب المسيحي الديموقراطي في النرويج بتكليف من صحيفتي التي أعمل بها لم تكن رئيسة الحزب ضمن المجتمعين رغم أنها أهمهم! وحين استفسرت عن سبب غيابها أجابوني بأنها في مهمة سرية لا نعلم عنها شيئا، يتابع الصحفي، ولحسن حظي أني ذهبت إلى إسرائيل ﻷجد رئيسة الحزب هناك في اﻹجتماع داخل المستوطنة مرتدية الزي العسكري لجيش اﻹحتلال الصهيوني وعندما اقتربت منها لسؤالها عما تفعله هنا أشاحت بوجهها عني، لكنها طلبت مني عدم ذكر أي شىء للصحيفة التي أعمل بها، مسكينة لم تكن تعلم أنني مبعوث من صحيفتي ﻹتمام التقرير اﻹستقصائي حول تلك البرامج اﻹسرائيلية الإجرامية”.

يقول الصحفي النرويجي أنه صادف في المعسكر المذكور عروسين أمريكيين يتدربان هناك على القتل وهما يقضيان شهر العسل في إسرائيل! لقد حصلا على البرنامج السياحي الغريب من خلال إعلانات شركات السياحة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قال الزوج: لقد فضّلت عروسي أن نذهب خلال هذا البرنامج ونعيش تجربة مختلفة من الإستجمام والتدريب على قتل الإرهابيين؛ يتابع الصحفي ويقول: كل الأطفال الذين كانوا ضمن معسكر التدريب أتو مع آبائهم حيث قالت أم فرنسية كانت برفقة ولدها ذو الثلاثة عشر سنة أنها فضلت هذا البرنامج السياحي لتجعل من طفلها رجلا ولتساعد هي وطفلها اليهود على العيش بسلام وأنها شتشارك في كل سنة ضمن هذا البرنامج وستحث طفلها حين يكبر على التطوع ضمن جيش إسرائيل”.

ألا تلاحظ عزيزي القارىء ذاك التشابه الكبير بين الأساليب الصهيونية والأساليب الداعشية؟ وأنت تعلم عزيزي جيدا أن تنظيم داعش أُنشىء ليقوم بتنفيذ أجندات كاملة متكاملة بالنيابة ومدفوعة الأجر، لكن اتسم معظم هذه الأجندات باﻹجرام والترويع من قتل واغتصاب وقطع رؤوس وأوصال، ﻹجهاض ثورات وحركات شعبية خاصة في المناطق السنية داخل تلك البلاد الملتهبة كاليمن والعراق وسوريا وليبيا أو في البلاد التي تعاني إشكاليات كتونس ومصر والسعودية، لا يمكن مثلا أن تجد داعش أو داعشيا واحدا في مناطق الشيعة أو إيران أو حتى داخل إسرائيل، لكنه كتنظيم يعمل بالوكالة نجده وصل إلى تركيا أردوغان المغضوب عليها أوروبيا وأمريكيا وصهيونيا!.

لقد أوجد داعش أيضا لتعزيز مفهوم الإرهاب اﻹسلامي في ذهن الرأي العام العالمي وخاصة الغربي، سواء كانت تلك اﻷجندات والعمليات الذي يأخذ على عاتقه تنفيذها لصالح أنظمة عربية عميقة وجدت نفسها وجها لوجه مع الموت والفناء، أو لصالح دول عظمى تحاول دائما أن تبعد نفسها ومسؤوليها عن محاكمات وعقوبات محكمة العدل الدولية، ومناكفات منظمة العفو الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الحقوقية، لنجد أن داعش ظهر فجأة ممتلكا كل الأدوات اللازمة لبث رعبه بين الأمم، من المخرجين والمصورين السينامائيين المحترفين الذين يصورون ويخرجون عمليات الذبح وقطع الروس والحرق باستخدام كاميرات إحترافية وموسيقى تصويرية أوسكارية، وصولا إلى كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة حتى الطائرات المقاتلة كما في داعش فرع سورية، وسيارات الجيب ذات الدفع الرباعي الحديثة نوع تويوتا والتي غالبا ما تكون إنتاج نفس السنة، باﻹضافة إلى القوى البشرية المقاتلة التي لا تنضب مواردها ولا مصادرها من كافة أرجاء العالم العربي والغربي! هذا باختصار شديد، وصراحة فإن آخر ما ذكر عن توفير الموارد البشرية لهو مربط الفرس الذي ننشد ها هنا، فهذا أسلوب صهيوني بحت كما شاهدت عزيزي القارىء بداية هذا المقال، وهذا ما عودتنا عليه دولة الكيان الصهيوني منذ تأسيسها في عام 48 من القرن الفائت، وخير دليل على ذلك وجود تلك البرامج والمنظمات كبرنامج الجندي الوحيد، وبرنامج منظمة محال، وبرنامج سراييه، سالفات الذكر، والهدف غسل أدمغة العالم المسيحي الغربي المغيب عن الحقيقة، في سبيل الحصول على الموارد البشرية المطلوبة لتعزيز أعداد جيش اﻹحتلال الصهيوني، وﻹيقاع كل العالم الغربي بجريمة إستباحة الدم العربي الفلسطيني الرخيص غدا أمام مذبح العدالة التاريخية.

لكن السؤال الغائب الحاضر، لماذا ضج العالم بداعش الذي ألصق نفسه باﻹسلام والمسلمين عنوة، وتناسى في ذات الوقت داعش الإسرائيلي الصهيوني المسيحي الغربي الذي أوجد لنفسه مكتبا في كل مدينة هناك بأوروبا وأمريكا تروج له وﻹجرامه؟!

من الواضح أن داعش أخذ كل أساليبه وأدواته بدقة متناهية عن المدرسة الصهيونية الغربية حتى لتعتقد جازما أن مؤسس داعش الذي يعيث فسادا في بلاد العرب، هو الحركة الصهيونية العالمية مدعوما بالحقد المسيحي الجاهل المغيب عن الحقيقة، عار عليكم أيها العالم الغربي المدعي لﻹنفتاح والديمقراطية وأنتم تعشقون شرب دماء العرب والمسلمين كما تعشقون حلوى الخطمي والخمر والخيانة، أنتم من أسس داعش باعترافكم من خلال تحقيقاتكم الإستقصائية، والتاريخ لن يرحمكم غدا والأحرار منكم.

 

 

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>