كان وقع المفاجئة كبيرا جدا على البحار “تيد” عندما شاهد لأول مرة من على كاسحة الجليد الكندية “أموندسن” سفنا وناقلات تعبر خليج الملكة “مود” الواقع أقصى الشمال الكندي بين المحيطين الهادىء والأطلسي.
أمورا مماثلة كانت من المستحيلات حتى وقت قريب جدا، فبعد ذوبان الجليد وانحسار مساحات شاسعة منه جراء تفاقم ظاهرة الإحتباس الحراري وتطرف المناخ عالميا، أصبح ممكنا عبور السفن التجارية والناقلات عبر الممر الشمالي الغربي الذي يصل بين القارة الآسيوية والشمال من القارة الأمريكية، بعد أن كان ذلك ضربا من الخيال والجنون في السابق.
فبالرغم من أن الجليد ينحسر منذ عقود طويلة، إلا أن سنة 2015 كانت الأكثر حرا وتطرفا في المناخ منذ البدء بتسجيل درجات الحرارة على سطح الأرض في العام 1880، قد يكون ذلك أمرا يسيرا بالمقارنة بدرجة الضرر البيئي الذي سيلحق بالقطب الشمالي جراء النشاط في حركة الملاحة هناك، كما يقول العلماء.
لكن، ما علاقة ذلك بقناة السويس المصرية؟ تكمن العلاقة في أن ممر بحر الشمال موضوع الحديث يعتبر ممرا جديدا سيدخل على خط ممرات السفن والناقلات التي ستنافس بقوة على هذه التجارة البحرية العالمية، والتي ستقتطع جزءا كبيرا من نصيب قناة السويس المصرية في تعداد السفن السنوي التي كانت تستقبله قبل ذوبان الجليد في ممر بحر الشمال -ممر الملكة مود-.
في الحقيقة، فإن هذا الممر الجديد ليس جديدا كليا، فقد كان يُفتح أمام عبور السفن والناقلات في فصل الصيف فقط، حيث كان يذوب الجليد، لكنه كان يبقى مغلقا طوال فترة فصل الشتاء الذي كان يمتد حتى ستة أشهر في معظم الفصول، أما الآن ونتيجة تفاقم ظاهرة الإحتباس الحراري فإنه -ممر بحر الشمال- بات متاحا أمام السفن والناقلات طوال السنة، ويعتبر هذا الممر الجديد أقصر بكثير بالنسبة للطريق من موانىء آسيا تجاه شمال أوروبا وأمريكا من طريق قناة السويس هذا في حال استبعدنا التوسعات التي تمت في قناة بنما علاوة على أن طريق قناة بنما أقرب الى موانىء أوروبا وأمريكا من قناة السويس أصلا، أيضا هناك قناة نيكاراجوا والتي ستستوعب جميع أحجام السفن والناقلات العالمية، ومن المتوقع أن تفتتح خلال سنوات قادمة قليلة، والأخطر من ذلك كله هو مشروع “القناة الموازية” التي تعتزم إسرائيل البدء بتنفيذه قريبا جدا، والذي سيربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط عبر البحر الميت، حيث أُبرم على هذا الصعيد إتفاقا مبدأيا بين الأردن وإسرائيل في العام الماضي 2015.
