متدينون كثيرا ومشركون كثيرا

درسنا في المرحلة الإبتدائية أن حل المشكلة يكمن في معرفة أسبابها أولا، ودرسنا أيضا، أنه إن لم يتم القضاء على الأسباب أو معالجتها، فلن يكون هناك حلاً، هذا المبدأ البسيط يمكن تطبيقه على أي مشكلة، حتى الدولية منها، تصور، وحتى العسكرية والأمنية والإقتصادية…حتى التدعشن.

الحزن الذي بات غذائنا اليومي، سوقاً من الأحزان…أحزان عل الأرض التي ضاعت وتضيع، أحزان على تفشي الطائفية الفيصل…أحزان على القيم التي اختفت، أحزان على الهوية التي باتت مشوهة…أحزان على البشر الذين لم يقضي يوماً بطريقة موتهم حيواناً، أحزان برية وأخرى بحرية! أحزان ضخمة بحجم بلادنا الممتدة، وأحزان صغيرة ذات مقاسات فردية…أحزان وأحزان وأحزان، حزن لا نهائي، لم تزل تتلبد غيومه السوداء فتتجهمه سماوات أوطاننا -فوق شرقنا العربي- لماذا فوقنا نحن بالذات؟! مالذي أوصلنا الى ذلك؟.

أهي فرقتنا أم ضعفنا أم جهلنا أم خوفنا…أم ماذا الضبط؟ خياناتنا أم فسادنا أم نقصنا؟ في الحقيقة أنا أرى أن كل تلك الوصوم لها أدوار مباشرة فيما نحن به الآن من أحزان، لكن هناك شيء واحد جعل منا ذو وصوم مخزية كما ترون، والتي لم يكن لك أن تجدها مجتمعة في قطيع من الحيوانات حتى! وهو أيضا سبب أحزاننا كلها، هذا الشيء يبدو وكأنه فرض علينا وعلى شعوب أمتنا فرضا، وآن الأوان يا قوم لأن نتنبه الى ذلك الشيء، فعدم تنبهنا لن يحل مشكلة أحزاننا المتوالية المتعاقبة، فهو أصل المشكلة، وهو أصل المرض المزمن الذي نعانيه الآن، وهو أصل الحكاية.

عبادة الحكام والرؤساء والملوك والقادة من دون الله أو الى جانب الله يا قوم، هذه هي مشكلتنا ووصمة العار الكبرى التي ألحقت بنا كل أنواع الخزي بين الأمم، هذا ما أوصلنا الى أن نكون في قاع الأمم، هذا ما جعل منا وبلادنا حظائر كحظائر الحيوانات…هذا ما جلب لنا كل تلك الأحزان الأبدية.

كيف لشعوب تنادي بوحدانية الله وهي لم تدرك بعد بأنها من ألحد شعوب الأرض وأشركها وأكفرها، كيف؟! شعوب تعبد حكامها وتقدس من بات منهم تحت التراب! شعوب جعلت من عبادة حكامها ديناً موازياً لدينها السماوي، جعلت من أقوالهم الجوفاء قرآنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار…جعلت من فسادهم وخيانتهم وغوغائيتهم وإجرامهم منهج حياة…تلك الشعوب ساعدت بفاعلية على قيام بلاد بلا مؤسسات، بلا حريات، بلا إنسانية، بلاد قانون الغاب بكل ما تحمل الكلمة من معاني.

لا يمكن أن ينتهي مسلسل الأحزان الذي نشهده الآن طالما نحن كذلك، كفرة ومشركون بامتياز، ومَنْ غيرنا؟! وأبشركم أيها المشركون بأن مسلسل الأحزان هذا، سيمتد رغماً عنا وعنكم ورغماً عن كل المؤمنين…ورغماً عن كل المتفتحين المتوقدين الأحرار…رغماً عن كل الفقراء المعدمين ورغماً عن كل الأغنياء المترفين، رغماً عن كل شيء، سيمتد الى كل الأوطان والحظائر العربية الأصيلة المتأصلة حتى الثمالة.

الحقيقة المخزية أيها القوم…هو أنه هذا ما نحن عليه الآن، أو كما قال ذاك الياباني عنا نحن العرب “العرب متدينون كثيرا وفاسدون كثيرا” وأنا أضيف كما تعلمون “ومشركون كثيرا” نعم أيها القوم، هذا ما يجب عليكم أن تدركوه إن أردتم التخلص من فصول حزن أخرى قادمة.

أيضا رأي اليوم

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>