لماذا يعبدون الشيطان

كنت مع مديري حين جمعتني الصدفة لا أكثر بعشاء عمل، يوما برئيس أحد الجامعات الأجنبية في مكان ما من هذا العالم الواسع، وكان على نفس الطاولة بعضا من الحسناوات وبعضا من العجائز الشمطاوات أيضا، وكنا جميعا نتجاذب أطراف الحديث، أحيانا كثيرة، خارج نطاق العمل.

كان على يميني رئيس الجامعة، وعلى يساري مديري، فمال رئيس الجامعة نحوي فجأة، وسألني، هل أنت مسلم؟ فأجبته، نعم، فقال، أنتم المسلمون لماذا تعبدون الله ربكم؟ فأجبته بهدوء، منا من يعبده خوفا من ناره، ومنا من يعبده طمعا بجنته، ومنا من يعبده طمعا بدنياه، ومنا من يعبده فقط لأنه أهل للعبادة، فرد علي قائلا، أنا مسيحي، هل تعلم؟ فقلت، يبدو ذلك، لكن على الرحب والسعة.

لا أخفيكم بأنني علمت بأنه سيسألني سؤالا ربما أفحم به مسلمين كثيرين قبلي، وهذه من أكثر إنتشاءاته، التي يبحث عنها باستمرار، يبدو، فقلت في نفسي الله يستر، وبالفعل وقع ما خفته، فمال نحوي مجددا وقال، يعني أنتم تعبدون الله ربكم خوفا؟ فقلت له ومنهم من يعبده لكل الأسباب التي ذكرتها لك قبلا -علَّني أهرب وأضيع عليه الفرصة فأنا ربما أقع في المطب، هذا رئيس جامعة في النهاية- فقال المهم أنكم يا مسلمون تعبدون الله ربكم خوفا، فقلت في نفسي، خلاص ما عاد هناك فائدة، وأجبته بنعم، فقال، لي صديق بريطاني وهو بروفيسور في علم الأمراض، ثم استطرد، ركز بروفيسور، لكنه يعبد الشيطان، أتدري لماذا يعبد الشيطان؟ فقلت في نفسي، هذه هي ضربته إذا، فسألته ما يريد، لماذا؟ فأجابني بفرح تام ظهر من خلال إبتسامة عريضة، يعبده لأمرين، الأول، هو يخاف الشيطان كما تخافون ربكم تماما، والثاني، لأنه لا يستطيع أن يسيطر عليه. فأردفني بسرعة وقبل أن أنبس ببنت شفة، إجابة منطقية وحجة قوية ولا يمكن نقاشها، صح؟ فقلت له بالتأكيد أن بروفيسورك هذا مخطىء تماما وبوصلته محطمة وخربة، فعقد حاجبيه متعجبا وهو ينظر إليّ، لكني في هذه اللحظة لم أكن أملك أي دليل حسب منطقهِ هو على كلامي، فسألني، وكيف ذلك يا عزيزي؟

فأجبته فورا ودون تفكير، أنا أخاف الصرصور ولا أستطيع السيطرة عليه، وهو موجود في كل مكان تقريبا، كالشيطان تماما، هل أتبعه رباً وأعبده؟! فصدم الرجل، ووالله أنه لم يستطع أن يخفي ذلك على وجهه، حتى أن قطعة اللحم التي طلبها (Not well done) علقت في حلقه، وعندما التفتُّ لمديري حيث سألني، يا رجل بماذا كنتم تتحدثون بصوت خافت أنت وهو؟ وعندما لحت ببصري لرئيس الجامعة هذا، لم أجده جالسا مكانه، ربما ذهب لمكان ما وحده كي يوبخ نفسه على إعجابه هذه المدة الطويلة بذاك البروفيسور.

إنظر أيضا http://www.3ankathab.com

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>