الإعلامي شريك الإرهابي وداعمه الأول

بالأمس كنت في زيارة لصديق لي، وبينما يقوم هو بتنفيذ أساليب وطرق الكرم العربي المعروفة بحذافيرها من شاي وقهوة وأيضا شاي ثم مكسرات وطبق حلوى أعدته زوجته ثم قهوة وبعدها فواكه، في الحقيقة لم ينتهي مسلسل الكرم هذا حتى أُتخمت تماما!

في مرة من المرات ذهب طويلا وبينما أنا أجلس وحيدا وإذ بالباب الذي يفصل حجرة الضيوف عن باقي المنزل يتحرك ببطء شديد مع إصدار ذلك الصوت المعروف وأطل من خلفة رأس كثيف الشعر كان صاحبه طفل فضولي بعمر الثلاث سنوات تقريبا، إستغربت كثيرا عندما أتى هذا الطفل وجلس مباشرة في حجري دون أن ينبس ببنت شفة.

لكن المفاجأة الكبرى والتي صدمتني حد الرعب حد الموت هو أنني وعندما سألت الطفل عن إسمه، أتدرون ماذا أجابني وهو يلعب بأصابع يديه أتدرون؟ قال لي “دائِس” بلغته الطفولية البريئة المضحكة، فكررت عليه السؤال مرة أخرى لكن باستغراب شديد هذه المرة: شو إسمك حبيبي؟! فرد علي مرة أخرى دائِس.

يا إلهي يا إلهي أنت جاهي، إنه يقصد يا جماعة الخير “داعش” كيف عرف هذا الطفل ذو الثلاث سنوات بأمر داعش؟ كم تردد على مسامعه هذا الإسم؟ لقد أكد لي والده فيما بعد وهو يضحك طبعا بأن طفله هذا كثيرا ما يكون جالسا مثلا ويلعب بكلتا يديه ويقول دائس دائس…

أتعلمون أمرا لم يسجل مثلا ولا لمرة واحدة أن تردد إسم القاعدة على لسان أسامة بن لادن ولا لمرة واحدة، الإعلام من أطلق إسم القاعدة على القاعدة وهذا ما ذكره الصحفي عبد الباري عطوان في كتابه الأخير “وطن من كلمات” إذا كيف إنتشر إسم القاعدة هذا وكيف إنتشرت القاعدة في كثير من الدول وأصبح تنظيم القاعدة عابر للبلاد والقارات؟ كيف عرف الشباب في أقاصي أوروبا بلندن أو بقلبها بباريس علاوة على كثير من الدول العربية؟ كيف تعلقوا بها وهاجروا عبر البلاد والقارات والبحار لينضموا تحت راياتها؟ من اقنعهم بها وكيف سحرتهم؟

بكل صراحة ليس النت فيما لو قصدنا المواقع التابعة لمثل هذه التنظيمات، إنه الإعلامي والإعلام والذي تجده يتغنى ويردد كالببغاء مرارا وتكرارا ونفس الأخبار ونفس التحليلات والقاصي والداني والكسلان والنشيط منهم كل المحطات وكل القنوات، يبدأوا بتحليل التنظيم ونشر أهدافه وتطلعاته ورؤيته وقادته وتاريخهم ومستوى تعليمهم حتى ليدفعوا الكثيرين من الحالمين بالسلطة والسيطرة من الشباب ضمن تلك الطبقات المقهورة في هذا البلد أو ذاك لحلم الإنضمام لمثل هذه التنظيمات وجعلها تتنامى على حساب جنسيات وعرقيات شتى حتى أنك تجد التنظيم يَفقِس في بلدان تبعد عنه أيام في الطائرات وتتشكل جماعات هنا وهناك وتعلن ولائها للتنظيم الأم.

نفس الأمر الذي حدث مع القاعدة يحدث الآن مع داعش، هي لعبة الإعلام والإعلاميين، لن يهدأ لهم بال ولا سريرة حتى وكأنك تعتقد للحظة أنهم معنيون تماما بنشر التنظيم إذ تجدهم يعلموك بنشوء جماعة ما موالية للتنظيم أو جزء منه هناك في مكان لم نسمع به من قبل تضم بضع رهط أو أقل!

كفاكم تشدق أيها الإعلاميون، نحن بتنا مطمئنون على نشاطكم في التسابق لنشر أفكار وأهداف ورؤى وتطلعات وقوة ورعب وسطوة وسيطرة وإنتشار التنظيمات المتطرفة تلك، ألا يكفي ما أوصلتموه إليه من شهرة عالمية لم يحظى بها أشهر أشهر نجوم هوليود يوما، ألا يكفي بأنكم أدخلتم الرعب والدم والجثث الممزقة وأشلاء الأطفال والنساء والقتل المباشر الى كل منزل، مالرسالة التي تريدون إيصالها لمتلقيكم؟! نحن لا نريد أن نعلم ولا يهمنا أن نعلم منكم شيئا وبطريقتكم القذرة هذه، أنتم ياشركاء الإرهابيين من تلك التنظيمات الى إسرائيل والأباطرة.

أرجوكم إتركوا المجرمين في أوكارهم وجحورهم وشأنهم لا نريد أن نعلم عنهم شيئا.

2 comments on “الإعلامي شريك الإرهابي وداعمه الأول

  1. بشار طافش

    أشكرك أولا
    وثانيا وجهة نظر نحترمها لك فدوى

  2. فدوى حسين

    فكر راقي جدا ونقطة جوهرية تلك التي تطرحها بشار طافش في هذا المقال
    ولكن الآن بعد خطف الطيار معاذ بتوقع المنظور اختلف كثيراً فلا نحن ولا الإعلام يستطيع أن يتركهم في اوكارهم وجحورهم

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>