في الأردن الوحدة الوطنية بخير

عندما تذهب مشوار ما في الأردن، مهما كان طابع هذا المشوار فإنك تقابل بطبيعة الحال أناس، فمثلا إن ذهبت الى دائرة حكومية ودار حوار “ودي بينك وبين الموظف” فإنه يسألك سؤال شهير جدا عندنا هنا في الأردن وهو كتعبير عن إرتياحه لك، هذا السؤال هو: “من وين إنتِ بلا زُغرة؟”

يتبادر الى ذهنك فوراً بأنه يقصد من سؤاله هذا معرفة هل أنت أردني الأصل أم فلسطيني الأصل.

لكن ذلك – كي نكون منصفين – أي هذا النوع من الأسئلة يجري كجريان الماء على سفح الجبل على ألسنة كل مواطني الأردن، الأردني الأردني والأردني الفلسطيني حتى أن إخواننا العرب من الجنسيات الأخرى وخاصة المصريين منهم والذين قضوا سنوات عدة هنا في المملكة تجدهم يسألونك نفس السؤال إن دار ذالك الحديث الودي بينكم.

وإذا سلمنا بأن مثل هذه الأسئلة تعبر عن العنصرية بين القطبين الأعظم من الشعب الأردني وهم الأردنيون والفلسطينيون، إلا أننا نجد ذات الأسئلة حتى بين بني الأصل الواحد فالأردني يسأل الأردني الآخر ذات السؤال حتى يتحرى هل هو شمالي أم جنوبي، وإذا تم تصنيفه من الشمال او الجنوب تجده يسأله تارة أخرى من أي عشيرة هو، كذلك نجد الفلسطيني يسأل الفلسطيني ذات السؤال، من غزة أم الضفة؟ من الخليل أم طولكرم؟ مدني ام فلاح؟

لكن هل ذلك يدل على العنصرية؟ حسب رأيي المتواضع فالجواب بالنفي القاطع، نحن كشعوب عربية نتسم بالفضول أكثر من غيرنا من شعوب العالم، فهي نابعة من الفضول، لاحظ ان مثل هذه الأسئلة لاتكون عادة إلا في جلسة أو حوار وديين فيما لو استمر هذا الحوار بعد السؤال الشهير ذاك تجده يتطور لسؤال عن وضعك الإجتماعي، هل أنت متزوج ثم يسألك كم من الأولاد عندك هل منزلك ملك ام بالإيجار ماهي وظيفتك، وعادة مايفضي مثل هذا الحوار الى معرفة جيدة وتبادل ارقام الهواتف والعناوين والإصرار على أن يزوروا بعض وأن يلتقوا مجددا وهكذا.

كثيرون هم من حاولو اللعب على وتر العنصرية هنا في الأردن لمآرب شخصية أو جهوية أو حتى لتمرير أجندات خارجية قذرة أولتحويل الرأي العام الأردني عن الإهتام بقضية ما كملف الفساد مثلا، لكن كان دائما الشعب الأردني وبغالبية ساحقة يتصدى بعفوية ممزوجة بالوعي لمثل هذه المحاولات.

مؤخرا لمست أنا بنفسي أن الوحدة الوطنية في الأردن بخير وبعافية من خلال تجربة بسيطة للغاية جعلتني أتيقن تماما من صحة رأيي في موضوع العنصرية هذا، فأنا أمتلك صفحة على الفيس بوك لديها عدة مئات من المعجبين، وأنا نشط جدا عليها، لكن ما أحصل عليه عادة من إبداء الإعجابات أو تسجيل التعليقات على المواضيع التي أطرحها يكون متواضعا جدا جدا، الى أن طرحت موضوعا حول الوحدة الوطنية هنا في الأردن وعنونته بـ “اللُحمة الوطنية مقدسة وخاصة في هذه الظروف” وكان المنشور يقول “من أجمل ما قرأت…عندما كنت صغيرا في المدرسة لم يكن في صفي أي أردني أو أي فلسطيني أو مسلم أو مسيحي…فقط كان لدي أصدقاء”

لقد توقف قلبي عندما دخلت بعد دقائق الى الصفحة كي أتابع ما جرى للمنشور، لقد كان تفاعلا كبيرا جدا وبالنسبة لي كان هائلا هذه المرة، سواء من حيث التعليقات وعددها والتي تدعم ما جاء في المنشور وتثني عليه أو من حيث عدد المعجبين من كافة أطياف المجتع الأردني أو حتى من عدد مشاركات الموضوع على صفحات الزوار لصفحتي تلك.

فبالرغم من أن الشعوب قابلة للإلتفاف حول الأشرار إلا أنها قابلة أكثر للإلتفاف حول الأخيار والخير والمحبة، نحن الآن متعطشون لذلك، هي أمور بسيطة للغاية غير مكلفة وليست بحاجة الى مؤتمرات أو دورات في مهارات الإتصال، هذه دعوة للشعب الأردني الصامد في وجه كل التحديات التي تحيط به ودعوة أيضا لكل شعوب العالم العربي وخاصة تلك الشعوب التي تعاني الويلات كي نوقظ بداخلنا كل ذرة خير أو محبة، نعم هذا هو طوق النجاة الأمتن والأسلم لعبور عباب بحر لجي هائج مظلم وجدنا أنفسنا به في هذه الأزمنة على غير هدى.

2 comments on “في الأردن الوحدة الوطنية بخير

  1. فدوى حسين

    الحمدالله الوحدة الوطنية في الأردن اكيد وطبعا بخير وذلك بفضل الله عز وجل وبفضل الشعب المثقف الواعي الودود والناشىء على الدين منذ نعومة اظافره
    فكما قال حبيبنا رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وصخبه وسلم ليس منا من يدعو لعصبية

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>